بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي ذلل بالموت رقاب الجبابرة , وأنهى بالموت آمال القياصرة , فنقلهم بالموت من سعة القصور إلى ضيق القبور ومن ضياء البيوت إلى ظلمة اللحود , سبحان الكبير المتعال سبحان الواحد الأحد الفرد الصمد , والصلاة والسلام على خير الورى , على أشرف من مشى على الأرض , على من أوذي في سبيل الله فصبر وجاهد في الله حق جهاده , حتى تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك , صلاة وسلاماً أتمين دائمين ما تعاقب الليل والنهار , أعلى الله في الورى شأنه وجمعنا به على حوض الكوثر فنشرب منه شربه لا نظمأ بعدها أبداً وأحبابنا أجمعين اللهم آآآآآآآآآآمين وبعـد
فكرت ذات يوماً وجلست مع نفسي أتفكر ما الذي يمكن أن يُسلي المسلم في هذه الدنيا ويصبره على كل أذى يناله في سبيل الله عز وجـل ؟؟؟ ...
فكرت أن أذهب للمكتبة حتى أبحث عن أجود الكتب التي تعين على هذا الأمـر
فلم أجد خيراً من مطالعة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وما ناله من الأذى في سبيل تبليغ دين الله عز وجل
ووالله إن الواحد منا ليستحي من نفسه حينما يقرأ هذه السيرة
يستحي من حزنه على الأذى في سبيل الله , يستحي من عزمه على الإبتعاد عن هذا الطريق وتركه
يستحي ويستحي أنه ما قدم شيئاً لدين الله عز وجل
في حين أن أهل الباطل مجتهدون ومتفنون في الإعلان والدعاية بل والدفاع عن باطلهم بكل حيلة ووسيلـة
** جاء الحبيب صلوات ربنا وسلامه عليه إلى قومٍ كفار لا يعرفون من الدنيا إلا عبادة الأوثان والإشراك بالله ولا يؤمنون بالبعث , وسفك الدماء والتفاخر بالأحساب والأنساب والظلم والجور والزنا وأكل الربا ولعب الميسر والقمار , قوم يعيشون عيشة البهائم بل هي خير منهم لأنها غير مكلفة ...
جاءهم فجأة بدين ما عرفوه من قبل ,
فدعاهم لتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ونبذ ما كان يعبد أبائهم
وقف صلوات ربنا وسلامه عليه وحيداً ـ بادئ الأمر ـ ليصدع بالدعوة لتوحيد الله ,,,
ليدعوا إلى أمـر غريب على أولئك القوم
أتراه خشي أن يصده الناس ؟ أم يمقته الناس ويبغضونه ؟ بل ويضربونه ؟؟ ويهجرونه فيبقى وحيداً بلا عشيرة ؟
كل ذلك ما كان يلقي له الحبيب بالاً
فهـو يقتفي أثر إخوانه الأنبياء من قبله
الذين أوذوا في سبيل الله فصبروا فأعقبهم الله خيراً وأهلك قومهم
*** تخيلوا معي فقط هذا الموقف ـ الذي لو تعرض له واحد منا ماذا كان سيفعل ؟؟!!! ـ الذي لا يملك المرء حينما يسمعه إلا أن يدعو ربه أن يجمعه بهذا النبي في مستقر رحمته
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية البشرية
فكان يأتي الناس في المواسم فيدعوهم إلى دين الله عز وجل ونبذ عبادة الأصنام , يدعوهم إلى محاسن الأخلاق
وعمه أبو لهب من خلفه , يمشي وراءه ويقول للناس
لا تطيعوه ؛ فإنه صابئ كاذب
أسألكم بالله لو واحد منا وقف ذلك الموقف ماذا كان سيفعل ؟؟
أقل القليل وأضعف الإيمان ـ كما يقولون ـ سوف يغتم أياماً بل شهوراً ويظل يذكر تلك الكلمات الموجعة وقد يعزم على ترك الأمر
لكن حبيبنا صلوات ربنا وسلامه عليه كان أسمى الناس خلقاً وأتقاهم , لا هم له إلا تبليغ دين الله , أما ذاته وشخصه فكل أذى يناله في سبيل الله يهون عنده ..
*** بل تخيلوا هذا الموقف , أه ثم أه , وأي نفس تقوى عليه ؟؟
كان عقبة بن أبي معيط يتودد للنبي صلى الله عليه وسلم ويسالمه فدعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام والنبي رحيم بالأمة فأبى الأكل حتى يسلم فنطق الشهادتين فجاءه صديقه أمية بن خلف عليه لعائن الله فقال له لا أكلمك حتى تذهب وتتفل على وجه محمد وتكفر به فذهب الفاجر وتفل على خير وجه وعلى من هو أفضل من القمر ليلة البدر ففيهما أنزل الله ” وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً{28} لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً{29} ( الفرقان )
بالله عليك أيها الداعية
لو أن واحداً فعل معك هـذا الفعل أكانت نفسك تطيق ذلك ؟؟
قلما والله نجد من يتحمل كل هـذا
ـــ ذكر مسلم في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالبيت و أبو جهل و أصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس فقال أبو جهل : أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفي محمد صلى الله عليه وسلم إذا سجد ؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه , فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه قال : فاستضحكوا , وجعل بعضهم يميل على بعض "
يالله أي قوة إيمان هذه يا رسول الله ؟؟
يُفعل بك كل ذلك , وأنت الصابر المحتسـب ؟؟!!!!
ـــ بل وجاءه ذات يوم طاغية من طغات الكفر والضلال هو العاص بن وائل السهمي ومعه عظام ففته ونفخه وقال : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟؟
تخيل ما هو شعورك لو كتبت مقالاً تدافع فيه عن دين الله عز وجل
فيأتي من يمزق هذا المقال في وجهك ؟؟
بالله عليك أكنت تطيق هذا ؟؟
ـــ وكلنا يعرف قصة الطائف
وما فعلوه أهل الطائف في النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذهب يبلغهم دين الله عز وجل مشفق عليهم من نار تلظى
فما كان منهم إلا أن طردوه من ديارهم وأدموا عقبيه الشريفة بالحجارة
,,, يا الله كل هذا والنبـي صابر محتسب للأجـر ؟؟
وامتد به الأذى تلو الأذى وفُعل به ما فُعل يوم أحد وغيرها من المواقف الخالدة
[img][/img][flash][/flash]